قصيدة عن رمضان المبارك
عبد الملك بن عواض الخديدي
إلى السّماءِ تجلت نظْرتِي ورنتْ *** وهلّلتْ دمْعتِي شوقا وإيْمانا
يسبِّح الله قلْبِي خاشِعا جذلا *** ويمْلأ الكون تكْبِيرا وسبْحانا
جزِيت بالخيْرِ منْ بشّرت محتسِبا*** بالشّهرِ إذْ هلّتِ الأفراح ألْوانا
عام تولّّى فعاد الشّهْر يطْلبنا *** كأنّنا لمْ نكنْ يوما ولا كانا
حفّتْ بِنا نفْحة ايمانِ فارتفعتْ *** حرارة الشّوْقِ فِي الوِجْدانِ رِضْوانا
ياباغي الخيْرِ هذا شهْر مكْرمة *** أقْبِلْ بِصِدْق جزاك الله إحْسانا
أقْبِلْ بجود ولا تبْخلْ بِنافِلة *** واجْعلْ جبِينك بِِالسّجْداتِ عِنْوانا
أعْطِ الفرائض قدْرا لا تضرّ بِها *** واصْدعْ بِخيْر ورتِّلْ فِيهِ قرْآنا
واحْفظْ لِسانا إذا ما قلت عنْ لغط *** لا تجْرحِ الصّوْم بالألْفاظِ نِسْيانا
وصدِّقِ المال وابذلْ بعْض أعْطِية *** لنْ ينْقص المال لوْ أنْفقت إحْسانا
تميْرة فِي سبِيلِ اللّهِ تنْفِقها *** أرْوتْ فؤادا مِن الرّمْضاءِ ظمآنا
وليلة القدْرِ ما أدْراك ما نِعم *** فِي ليْلة قدْرها ألْف بِدنْيانا
أوْصِِيك خيْرا بأيّام نسافِرها *** فِي رِِحْلةِ الصّومِ يحْيا القلب نشْوانا
فأوّل الشّهْرِ قدْ أفْضى بِمغْفِرة *** بِئس الخلائقِ إنْ لمْ تلْق غفْرانا
ونِصْفه رحْمة للْخلْقِ ينْشرها *** ربّ رحِيْم على منْ صام حسْبانا
وآخِر الشّهْرِ عِتْق مِنْ لهائِبِها *** سوْداء ما وفّرتْ إنْسا وشيْطانا
نعوذ باللهِ مِنْ أعْتابِ مدْخلِها *** سكْنى لِمنْ حاق باسْلامِ عدْوانا
ونسْأل الله فِي أسْبابِ جنّتِهِ *** عفْوا كرِيما وأنْ يرْضى بِلقْيْانا
-----
هلال هلّ من غيب الستائر, رنت من نور طلته البشائر
د. صفاء رفعت
هلال هلّ من غيب الستائر = رنت من نور طلته البشائر
أتى شهر التبتل يا أميه = فجدي العزم إن العمر زائر
أتى شهر التهجّد ليت شعري = وفي الأسحار قلب الحرِّ سائر
يطيل الذكر في الخلوات يتلو = كتاب الله, نورا للبصائر
يتوق لرحمة كالغيث تدنو = وتغسل كل هم في السرائر
لرب العرش تسبيحي وصومي = وليل الصوم ياقوت الذخائر
أتى الشهر الفضيل فلا ترقه = بلغو في الفضاءات البوائر
وحلِّق في سماء النور تنجو = وتمسي في جنان الخلد طائر
أتاك الغوث من جدب وتيه = وشرع الله يشفي كل حائر
فحمدا للكريم بكل لحظ = له العتبى وإخلاص الشعائر
وصلى الله في صبح وليل = على المختار مصداق البشائر
-----
شهْر تلأْلأ بِالْخيْراتِ
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
أقْبلْت تزْهوْ ونوْر الْوجْهِ وضّاء ** فما ارْتأتْ فِيْ رباكمْ قطّ ظلْماء
أهْلا بِشهْر حلِيْفِ الْجوْدِ مذْ بزغتْ ** شمْس وصافح زهْر الرّوْضةِ الْماء
شهْر تلأْلأ بِالْخيْراتِ فانْهزمتْ ** أمام ساحتِهِ الشّمّاءِ ضرّاء
فِيْهِ اسْتقالتْ فلوْل الشّرِّ مِنْ خدع ** وكبِّلتْ فسرتْ فِي النّاسِ سرّاء
تِلْك الْمساجِد بِالتّسْبِيْحِ آهِلة ** كأنّها بِالْهدى فجْر وأضْواء
والصّالِحوْن ومنْ يقْفوْ مآثِرهمْ ** بدتْ على وجْهِهِمْ بشْرى ولأْلآء
والْكلّ فِيْ طرب يشْدو بِمقْدمِهِ ** كأنّه مِنْ جمالِ الرّوْحِ حسْناء
يا أمّتِي اسْتقْبِلوا شهْرا بِروْحِ تقى ** وتوْبةِ الصِّدْقِ فالتّأْخِيْر إِغْواء
توْبوْا إِلى ربِّكمْ فالذّنْب داهِية ** ذلّتْ بِهِ أمم واحْتلّها الدّاء
ألمْ نجِدْ مِنْ عداةِ الدِّيْنِ كلّ أذى ** والْقدْس مغْتصب فاشْتدّ بلْواء
والْحرْب تطْحن أكْبادا وتعْجِنها ** ونحْن لمْ نرها فالْعيْن عمْياء
ألمْ يحلِّقْ بِنا جدْب فزلْزلنا ** وكمْ أحاط بِنا ضرّ ولأْواء
وكمْ أتتْ عِبر والْقوْم فِيْ هزل ** إِعْصار قوْنو كفى كمْ مات أبْناء
أمّا تسوْنام فِيْهِ كلّ فاجِعة ** وكمْ وكمْ عِظة والأذْن صمّاء
ربّاه عفْوا وتوْفِيْقا ومغْفِرة ** وجدْ بِنصْر فإِنّ النّصْر علْياء
وصلِّ ربِّ على الْمخْتارِ مِنْ مضر ** ما غرّدتْ فوْق غصْنِ الْبانِ ورْقاء
والآلِ والصّحْبِ والأتْباعِ قاطِبة ** ما لاح برْق تلا رعْد وأصْداء
-----
طاهِرِ الرّوحِ
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
يا خيالا مرّ بِالْخاطِرِ ** يا سناء هبّ كالْغائِرِ
يا جمالا يا هوى مهْجتِي ** يا ضِياء الْقلْبِ والظّاهِرِ
زاد وجْدِي واسْتبدّ الْهوى ** هزّنِي شوْق إِلى الطّاهِرِ
طاهِرِ الرّوحِ سخِيِّ الْعطا ** ما رأى مِثْلا له ناظِرِي
ذاك شهْر الصّوْمِ شهْر الدّعا ** ذاك شهْر الذِّكْرِ والذّاكِرِ
جاءنِي فِي حلّة يزْدهِي ** يا هلا بِالسّيِّدِ الزّائِرِ
زارنا والْخيْر فِي طيِّهِ ** مقْتنى للصّائِمِ الصّابِرِ
رحْمة اللهِ وغفْرانه ** أوّلا والْعِتْق فِي الآخِرِ
فاجْتهِدوا واعْملوا صالِحا ** ثمّ اطْلبوا الْعفْو مِن الْغافِرِ
الصوْمُ للحيران طوْقُ نجاةِ .. .. وطريقهُ الهادي إلى الجنَّاتِ
وعليه معراجُ اليقين إلى الهدى .. .. يمتدُّ فوق مهالِك الشهواتِ
ويُطَهرُ الإنسان حتى إنه .. .. روحٌ يكادُ يُضيءُ في الظلماتِ
ويرى على نور الحقيقة عالمًا .. .. مُتألقَ الأعماق والجنباتِ
فيه الحياة تراجعت أدرانها .. .. وتطهرت من حمأةِ النزواتِ
وغدتْ كدار الخلد طيبَ ريحُها .. .. نفسُ الملائِكِ طافَ بالرَّحماتِ
إن ضاقت الدنيا وقل ضياؤها .. .. ومضت مسالِكُها إلى العثراتِ
وتنوعتْ فيها الكُروبُ وعُبِّئتْ .. .. ترْمي قلوبَ الناسِ بالحسراتِ
وتزيدُ في ليل العذابِ شُجونهُ .. .. تنساقُ أمواجًا من النكباتِ
وتُهيلُ فوق النيراتِ غبارها .. .. فتردُّ نور الكونِ للظلماتِ
فإذا بخطْو السائرينَ على اللَّظى .. .. يمتدُّ في دربٍ من الجمراتِ
زكَّى الصيامُ لها عزيمة صابر .. .. يمشي على رمضائها بثباتِ
يسعى ويؤمنُ أن ربَّك قادرٌ .. .. والنصرُ بالصبر الجميل مُواتِ
مهما طوانا الليلُ في أعماقِه .. .. فالفجر منتظرٌ على العتباتِ
ولنا بموصولِ الكفاح خلاصنا .. .. يأتي بما نبغيه من ثمراتِ
وصيامُنا يُحيي مواتَ حياتِنا .. .. ويدُقُّ نبض الرُّوح في العزماتِ
ويضيءُ في كلِّ الدروب علامة .. .. تهدي بها ما اعوجَّ من خُطواتِ
ويعيدُ في غبش الحياة بريقها .. .. لترى وتّمْعنَ صادق النظراتِ
فتهمُّ تكتسحُ الطريق وتستوي .. .. تطوي الذي قد فات من وقفاتِ
يا رب !! في ألق الصيام ونوره .. .. وطهارة الأنفاس في الصلوات
أدعوكَ من قلبٍ لفرطِ صفائهِ .. .. تتطهرُ الدعواتُ بالعبراتِ
ألا ترُدَّ عن المحجةِ قاصدًا .. .. حثَّ الخُطى مُتوهِّجَ اللهفاتِ